حوار مع رئيسنا التنفيذي بدر جعفر في الـتـقـريـر السـنـوي وأثـر الاسـتـدامـة 2019-2020
سجل النمو العالمي لعام 2019 أبطأ وتيرة له منذ الأزمة المالية لعام 2008. ما أبرز محطات أداء شركة الهلال للمشاريع عام 2019 في ضوء مثل هذه التحديات الاقتصادية؟
على الرغم من تباطؤ الاقتصاد العالمي، حققت الهلال للمشاريع أداءً قويًّا عام 2019 بفضل محفظة أعمالنا المتنوعة التي تضم عدة مجالات، وتتواجد في مناطق جغرافية مختلفة؛ مما أتاح لنا اكتساب المرونة والقدرة على التكيُّف، والصمود، والمحافظة على مسار نمونا.
ستثمرت شركتنا 80 مليون دولار على مدار العام لتوسعة نطاق عمليات الشركات التابعة لمحفظة استثماراتنا وتوسعة نطاقها لتضم 39 شركة واستثمار. ومن ثَمَّ تزايد إجمالي أصولنا ليتجاوز 1.3 مليار دولار، وشهدت إيراداتنا زيادة بنسبة 9٪ لتصل إلى 296 مليون دولار.
أسهم تنوع استثماراتنا عبر العديد من المناطق الجغرافية والقطاعات ومجالات العمل في تقليل المخاطر التي قد نتعرض لها في أي فئة من فئات الأصول أو سوق بعينها. ويظل تنوع محفظتنا الاستثمارية أحد المقومات الجوهرية لإستراتيجيتنا التي تتجسد في رؤية الشركة والتي تتيح لنا تحقيق أداء جيد على المدى الطويل مع الحد قدر الإمكان من التعرُّض للمخاطر.
لا نألو جهدًا للسعي نحو النمو وضمان الأداء المتوازن والقوي على المدى الطويل من خلال تعزيز وتوسعة نطاق محفظتنا من الشركات الفرعية والتابعة والاستثمارات.
تمثل منصات العمل الأربع المندرجة تحت راية الهلال للمشاريع حجر الزاوية لإستراتيجية التنويع المتبعة من جانبكم. ما التطورات الأساسية التي طرأت عبر هذه المنصات الأربع؟
واصلت منصات العمل الأربع التابعة لنا اتباع الإستراتيجيات الخاصة بكلٍّ منها على مدار عام 2019. شرعت شركة “غلفتينر” التي تعمل في مجال الموانئ تحت مظلة الهلال للمشاريع التطويرية في برنامج طموح يتضمن استثمارات طويلة المدى في ميناء ويلمنغتون في الولايات المتحدة. ونتوقع أن يوفر هذا المشروع الاستثماري نموًا اجتماعيًا واقتصاديًا مستمرًا في ميناء ويلمنغتون والمنطقة المحيطة به بوجه عام، وسنواصل التزامنا وتعهُّدنا بتطوير البنية التحتية للميناء والارتقاء بها.
كما تحافظ استثماراتنا تحت مظلة الهلال للمشاريع الاستثمارية على وتيرة النمو من خلال رفع الكفاءة الانتاجية والتوسع إلى مناطق جغرافية جديدة. وتواصل هذه الاستثمارات التركيز على الانضباط التشغيلي لتعزز من جاهزية التخارج للشركات تحت مظلتها.
واصلت الهلال للمشاريع الناشئة إستراتيجيتها الاستثمارية في الشركات سريعة النمو، وصناديق رؤوس الأموال الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والولايات المتحدة، وآسيا. حتى الآن، تم استثمار 112.7 مليون دولار عبر عدة قطاعات. وشهدت استثماراتنا ارتفاع ضمن عائداتها بنسبة 90% في عام 2019, كما استطاعت الشركات التي استثمرنا فيها جمع تمويلات بقيمة 370 مليون دولار منذ بدء استثماراتنا. وإضافة إلى رؤوس الأموال، نوفِّر لشركائنا التوجيه الإستراتيجي والتشغيلي الكفيل بتحفيز عملية توسعهم ونموهم، ما أسهم في زيادة قيمة محفظتنا الاستثمارية بنسبة 40٪ مقارنة بعام 2018. وتتيح لنا مساهمتنا في صناديق رؤوس الأموال الاستثمارية فرصة الاستثمار غير المباشر في المزيد من القطاعات التكنولوجية حول العالم. ففي عام 2019, بلغ عدد الاستثمارات ضمن صناديق الاستثمار التي ساهمنا بها 131 شركة.
وفي عام 2019، ساعدت الهلال للمشاريع الابتكارية في زيادة وتيرة النمو لشركة “شمال” المتخصصة في تصنيع ملابس العمل المصممة للتغلب على الظروف المناخية القاسية، في حين انصبَّ تركيز شركة “أيون” المتخصصة في النقل المستدام على التوسع داخل الإمارات العربية المتحدة والاستثمار في مجال محطات شحن المركبات الكهربائية ومجال القيادة الذاتية.
دأبت الهلال للمشاريع منذ فترة طويلة على دمج مبادئ الاستدامة في عملياتها، فكيف تطور هذا التوجُّه في عام 2019؟ وما المبادرات الأساسية المُنفذة في إطار التزامكم بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة؟
لا يمكن للشركات تحقيق النجاح المستدام في عالم تعمه مشاكل جوهرية مثل الفقر، وعدم المساواة، والتغير المناخي. تجسد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة إطار عمل مساعد للمؤسسات المهتمة بأن يكون لها أثر إيجابي على المجتمعات التي تعمل فيها حول العالم. ونحن نؤمن في شركة الهلال للمشاريع بأن مساهمة القطاع الخاص على الصعيد الدولي يُعد ضروريًا للتعجيل بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
بصفتنا مؤسسة مسؤولة، أدرجنا مبادئ الاستدامة في إطار العمل التشغيلي لدينا. نحن لا نقيس أداءنا بناءً على نتائجنا المالية فحسب، بل أيضًا على إسهاماتنا في تحقيق الأهداف البيئية والاجتماعية وأهداف الحوكمة. كما سيتبين لكم في هذا التقرير، تسهم إستراتيجيتنا وعملياتنا واستثماراتنا حاليًا في 12 هدف من أهداف التنمية المستدامة، ونحن نفخر بالإشارة إلى أدائنا الداعم لهذه الأهداف.
تهدف إستراتيجية المواطنة المؤسسية المطبقة من جانبنا والقائمة على أربعة مجالات ذات الأولوية –ريادة الأعمال والتوظيف، والبيئة، والفنون والثقافة، والحوكمة المؤسسية– إلى تعزيز مجتمعات متماسكة حيث نمارس أعمالنا. في عام 2019، وصلت مبادراتنا وشراكاتنا القائمة على إستراتيجية المواطنة المؤسسية إلى قرابة 60,000 من أفراد المجتمعات، بما في ذلك 22,000 من الإناث وأكثر من 1,200 من الطلاب ورواد الأعمال.
من أجل تعزيز الحوار بشأن الموارد النادرة والاستدامة البيئية، اتخذنا أيضًا إجراءات إضافية في العام الأخير لتخفيض استهلاكنا من الطاقة والمياه في مقرنا الرئيسي في الشارقة. علاوة على تشجيع موظفينا على الانضمام إلى برنامج سفراء إعادة التدوير، تعهَّدنا مؤخرًا بالتوقف عن استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
ما تطلُّعاتكم لسنة 2020 في ضوء ظروف تفشِّي جائحة كورونا (كوفيد-19)؟ وما أوجه تأثير الجائحة على رؤيتكم والعمليات العالمية للشركة عبر جميع شركات المحفظة الاستثمارية؟
ساعدتنا الاضطرابات الناجمة عن جائحة كورونا (كوفيد-19) في اكتساب رُؤى جديدة، كما أن رؤية الأمور بصورة مختلفة ستجعلنا أكثر مرونةً واستعدادًا لمواجهة تلك التحديات المستقبلية ذات النطاق العالمي.
قد شهدت محفظة استثماراتنا المتنوعة آثار مختلفة نتيجة الجائحة؛ فمن ناحية، أسفرت قيود الإغلاق الكامل عن اضطراب سلاسل التوريد العالمية؛ مما أدى إلى تباطؤ وتيرة النمو في بعض الشركات التابعة لمحفظتنا الاستثمارية. ورغم ذلك، كانت شركاتنا العاملة في مجال الموانئ والخدمات اللوجستية والشركات التابعة لمحفظتنا الاستثمارية مرنة نوعًا ما بالنظر إلى مدى اضطراب الأسواق غير المسبوق. كما تمكنت تلك الشركات من دعم التدابير المحلية والدولية للتصدِّي للجائحة؛ مما أتاح لها توفير الإمدادات الضرورية في الوقت المناسب لإنقاذ أرواح البشر.
من الجانب الآخر، تعرَّضت أسواق الأسهم الخاصة ورؤوس الأموال الاستثمارية إلى تحديات في ضوء تقييد تدفُّق الائتمانات والاستثمارات، وتراجع قيم الأصول، وتزايد فترات حيازة الاستثمار. ومنذ بداية الجائحة، دأب العديد من المستثمرين إلى تعديل توجههم الاستثماري، باعتبار محفظتهم الاستثمارية الحالية أولوية قبل الشروع في فرص استثمارية جديدة. وبهذا نعتقد أن فترة الـ12-24 شهرًا القادمة ستمثل وقتًا مواتيًا للاستثمارات في الشركات التي أبدت قدرة على الصمود وخرجت من المحنة أكثر مرونة وقوة، مع المزيد من نماذج الأعمال الأكثر استدامة. وبالمثل، لازلنا نعمل بشكل وثيق مع الشركات التابعة لمحفظتنا الاستثمارية لمساعدتها في تخفيض التكاليف وضمان استمرارية أعمالها، وسنظل ملتزمين بتخصيص رؤوس أموال جديدة إلى الشركات سريعة النمو مع مراعاة النماذج التجارية القوية ومعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
وفي الوقت الذي نمر به بهذه الظروف غير المسبوقة، نستمر ببناء قدراتنا للصمود ونواصل التزامنا بالاستدامة عبر جميع جوانب عملياتنا التجارية. وبفضل أصولنا الأكثر قيمة –وهم موظفونا– سنواصل مسيرة العمل لاقتناص فرص استثمارية جديدة في جميع منصاتنا الداعمة للنمو الاقتصادي الهادف.
وختاماً أود أن أعرب عن تقديري وامتناني لجميع موظفينا، والشركات الفرعية والتابعة لنا، والشركات العاملة في إطار محفظتنا الاستثمارية، وشركائنا الذين كان لرؤيتهم وموهبتهم الفضل في تحقيق النمو المستدام منذ البداية. كما نتطلع إلى تحقيق المزيد من هذه الإنجازات في السنوات المقبلة.
يجسد عام 2020 بداية بيئة أسواق حافلة بالتحديات. ما مجالات وقطاعات التركيز التي تمثل عناصر محورية للارتقاء بأداء شركة الهلال للمشاريع في عام 2020 وما بعده؟
في ظل مواصلة التركيز على الاستثمارات كبيرة الأثر التي تكمِّل محفظة استثماراتنا الحالية، تمضي الهلال للمشاريع بتوجهها للاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة من خلال الاستثمار في القطاعات الواعدة والمجالات المتصلة بها في الاقتصاد العالمي.
وبصفتنا شركة عائلية، فنحن نلتزم بتوفير بيئة عمل مُهيأة للتمكين ومُعتمدة على التكنولوجيا، وينصبُّ التركيز فيها على العنصر البشري. يتيح لنا التزامنا بالتنوع والدمج التكيُّفَ باستمرار مع اتجاهات السوق المتغيرة وتوجيه مسار جهودنا نحو إيجاد قيمة على المدى الطويل لأصحاب المصلحة لدينا.
بالتزامن مع توسعة نطاق محفظتنا الاستثمارية وتنويعها، نهدف إلى تعزيز المواطنة المؤسسية لدينا بالدعوة إلى وجود ممارسات حوكمة مؤسسية أفضل، ودعم المجتمعات المحلية، واتخاذ خطوات إضافية لحماية البيئة وصونها.